تعتبر الولادة المبكرة تحديًا طبيًا كبيرًا للأمهات والأطفال على حد سواء. إذ تعد الولادة المبكرة قبل الشهر التاسع حالة طارئة تحتاج إلى تدخل طبي عاجل لضمان صحة الأم والطفل. تكمن خطورة الولادة المبكرة في عدم اكتمال نمو أجهزة الجسم الحيوية لدى الطفل، مما يجعله عرضة لمجموعة من المضاعفات الصحية الخطيرة.
سنتناول في هذا المقال أسباب الولادة المبكرة، الأعراض التي يجب الانتباه لها، والمضاعفات المحتملة، بالإضافة إلى أساليب الرعاية والعلاج الضرورية لضمان أفضل نتائج صحية للأم والطفل.
أسباب الولادة المبكرة
حمل التوائم
من أكثر الأسباب لحدوث الولادة المبكرة سواء أكان الحمل التوأمي ثنائي أو ثلاثي.
وجود تاريخ مرضي
وجود ولادة مبكرة سابقة للسيدة يجعلها عرضة لولادة مبكرة أخرى في كل حمل.
حدوث التهابات في الجهاز التناسلي
يمكن أن تؤدي التهابات الجهاز التناسلي، مثل التهاب المهبل أو التهاب عنق الرحم، إلى تحفيز المخاض المبكر. تُسبب هذه الالتهابات إفراز مواد كيميائية في الجسم يمكن أن تحفز تقلصات الرحم.
مشاكل في المشيمة
انفصال المشيمة المبكر أو قصور تدفق الدم إلى المشيمة واضطرار الأطباء للتوليد المبكر ليتمكنوا من رعاية الجنين خارج الرحم.
قصور في عنق الرحم
قد تكون الولادة المبكرة بسبب ضعف في عنق الرحم مما يضطر السيدة لعمل ربط لعنق الرحم تفاديا للولادة المبكرة.
الاضطرابات الهرمونية
يؤدي اختلال التوازن الهرموني، مثل نقص هرمون البروجسترون، إلى تقلصات مبكرة في الرحم. إذ أن الهرمونات تلعب دورًا كبيرًا في تنظيم فترة الحمل، وتساهم في الحفاظ على الجنين حتى نهاية فترة الحمل الطبيعية.
تطور الأمراض المزمنة
تزيد الأمراض المزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري من خطر الولادة المبكرة. تحتاج الحوامل اللواتي يعانين من هذه الأمراض إلى متابعة دقيقة ومستوى عالٍ من الرعاية الطبية لتجنب المضاعفات.
عدم وجود سبب محدد
حوالي 30% من حالات الولادة المبكرة لا يوجد لها سبب محدد لحدوثها.
أعراض الولادة المبكرة
حدوث تقلصات منتظمة
التقلصات المرتبطة بالولادة المبكرة تكون أكثر انتظامًا وشدة مقارنة بالتقلصات العادية. تبدأ عادةً كتقلصات شبيهة بآلام الدورة الشهرية، تُسبب شعورًا بالشد أو الضغط في أسفل البطن أو الظهر. قد تكون هذه التقلصات متقطعة تأتي وتذهب، أو مستمرة دون انقطاع. عندما تحدث ست مرات أو أكثر في الساعة، سواء كانت مصحوبة بأعراض أخرى أم لا، فقد تكون علامة على بدء المخاض المبكر، خاصة إذا زادت قوتها وتكرارها مع الوقت.
الإحساس بألم أسفل الظهر
الشعور بألم ثابت أو متقطع في أسفل الظهر، يمكن أن يكون علامة على الولادة المبكرة. يجب عدم تجاهل هذا الألم، خاصة إذا كان مصحوبًا بتقلصات أو ضغط في منطقة الحوض.
الإحساس بضغط في منطقة الحوض
الشعور بضغط شديد في منطقة الحوض علامة على اقتراب المخاض. يحدث هذا الضغط بسبب نزول الجنين إلى أسفل الرحم.
ملاحظة تغيرات في الإفرازات المهبلية
زيادة كمية الإفرازات المهبلية أو تحولها إلى مخاطية أو دموية، يمكن أن يكون مؤشرًا على الولادة المبكرة. يمكن أن يحدث ذلك نتيجة تمزق الأغشية المبكر.
تمزق الأغشية
انبثاق ماء الجنين أو ما يعرف بالسائل السلوي علامة تزامن حدوث الولادة المبكرة، ويجب التوجه إلى المستشفى فورًا حال حدوثه لتأكيد التشخيص.
مضاعفات الولادة المبكرة
مواجهة مشاكل في التنفس
تعتبر مشاكل التنفس من أكثر المضاعفات شيوعًا لدى الخدج. يحدث ذلك بسبب عدم اكتمال نمو الرئتين، مما يستدعي في كثير من الأحيان استخدام أجهزة التنفس الصناعي لمساعدة الخديج على التنفس.
مواجهة مشاكل في التغذية
لدى الخدج صعوبة في الرضاعة والابتلاع بسبب عدم اكتمال نمو العضلات والأعصاب المسؤولة عن هذه الوظائف. قد يتطلب ذلك استخدام التغذية الوريدية أو أنابيب التغذية.
زيادة خطر العدوى
يكون الجهاز المناعي لدى المولودين مبكرًا غير مكتمل، مما يجعلهم أكثر عرضة للعدوى. تتطلب هذه الحالة مراقبة دقيقة للعدوى من خلال استخدام المضادات الحيوية والتدخلات الطبية الأخرى.
مواجهة مشاكل في النمو
يمكن أن يعاني الخديج من تأثر في نمو الدماغ والأعضاء الأخرى. يتطلب ذلك متابعة دقيقة من الأطباء وأخصائيين النمو لضمان تعافي الطفل ونموه بشكل طبيعي.
الإصابة بالصفار
الصفار من المشاكل الشائعة لدى المولودين مبكرًا بسبب ارتفاع مستوى صفرة الدم، حيث يتطلب ذلك علاجًا خاصًا، مثل العلاج بالضوء أو تغيير الدم للحالات المتقدمة.
الرعاية والعلاج
استخدام العلاج بالأدوية
تُستخدم أدوية الستيرويد (إبرة الكورتيزون) لتنشيط نمو رئتي الجنين وتقليل خطر مشاكل التنفس بعد الولادة. يمكن أن تشمل العلاجات الأخرى الأدوية التي تثبط تقلصات الرحم لمنح رئتي الجنين مزيدًا من الوقت للجاهزية داخل الرحم.
توفير الرعاية في وحدة العناية المركزة للخدج (NICU)
وحدة العناية المركزة للخدج (NICU) ضرورية لدعم نمو المولودين قبل الشهر التاسع. تشمل الرعاية في هذه الوحدة استخدام الحاضنات، وهي أجهزة تشبه الأسرّة المغلقة تُوفّر بيئة دافئة ورطوبة مناسبة لحماية الخُدّج من فقدان الحرارة والجفاف، إضافةً إلى تقليل خطر العدوى. كما تُستخدم أجهزة التنفس الصناعي لمساعدة الرضع الذين لم تكتمل لديهم وظيفة الرئتين، إلى جانب التغذية الوريدية لتعويضهم بالمغذيات اللازمة، والمراقبة المستمرة للوظائف الحيوية لضمان استقرار حالتهم الصحية.
الاعتماد على التغذية الوريدية
الخُدّج الذين لا يستطيعون تناول الطعام عن طريق الفم أو الأمعاء يعتمدون على التغذية الوريدية، حيث تُزوَّد أجسامهم بالمغذيات والسوائل عبر الوريد لمساعدتهم على النمو بشكل طبيعي.
الوقاية من الولادة المبكرة
هناك عدة خطوات لتقليل خطر الولادة المبكرة، ومنها:
- الرعاية الصحية المنتظمة: متابعة الحمل بانتظام مع الطبيب.
- التغذية السليمة: تناول غذاء متوازن وغني بالعناصر الغذائية الضرورية قبل الحمل وأثنائه.
- الراحة والسلوك: تجنب الإرهاق وقلة النوم والتدخين.
- إدارة الأمراض المزمنة: مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري والأمراض المزمنة الأخرى بشكل جيد.
الخاتمة
تعد الولادة المبكرة حالة طبية تحتاج إلى رعاية خاصة وفهمًا شاملًا لأسبابها ومضاعفاتها. من خلال الرعاية الطبية المبكرة والمنتظمة، يمكن تقليل المخاطر المتعلقة بالولادة المبكرة وضمان صحة الأم والطفل.